"المرصد السوري": اللجنة الاقتصادية في حماة استولت على أراضي المهجّرين

"المرصد السوري": اللجنة الاقتصادية في حماة استولت على أراضي المهجّرين
مدينة حماة السورية - أرشيف

استولت اللجنة الاقتصادية في محافظة حماة، وفق ما أعلنه المرصد السوري لحقوق الإنسان، الأحد، على أراضٍ وممتلكات خاصة تعود لمدنيين مهجّرين من ريف المحافظة الشرقي، بزعم استثمارها لصالح الدولة، وسط تصاعد عمليات الاستيلاء غير القانوني التي يقودها قادة ميليشيات وشخصيات نافذة ترتبط بأجهزة أمنية.

وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، في تقرير نشره على موقعه الرسمي، أن حملة المصادرات شملت قرى الشهيب، الشهبا، تل عبد العزيز، نوى، الشيخ علي كاسون، مريود، المبطن، معان، الفانات، الزغبة، الطليسية، الطوبا، أم قلق، الشيحة، والرويف، والتي خضعت لعمليات تهجير متتالية منذ سيطرة المعارضة السورية، وسط غياب أي ضمانات للعودة أو التعويض لأصحاب الأراضي الأصليين.

مارست الابتزاز العلني

هدّدت عناصر محسوبة على مجموعات محلية تابعة للأجهزة الأمنية السوريين المتبقين في تلك القرى، بإجبارهم على دفع مبالغ تصل إلى 3.5 مليون ليرة سورية، أو تسليم سلاح شخصي، مقابل السماح لهم بالبقاء. 

وأوضح شهود عيان للمرصد أن من يرفض هذه المطالب يتعرّض لحملات مضايقة قسرية، تدفعه إلى مغادرة قريته عنوة.

روى أحد المتضررين، وهو مزارع هُجّر من أراضيه، أن اللجنة الاقتصادية صادرت منه 80 دونماً من مزارع الفستق الحلبي، منها 55 دونماً تعود زراعتها إلى أكثر من 50 عامًا، بالإضافة إلى 40 دونماً من أراضي الزيتون، مشيرا إلى أن نفس المصير لحق بعائلته وأقاربه في قرى أخرى مجاورة. 

وأضاف المزارع: "لم نتلقَّ أي إشعار أو عرض قانوني، فقط جاؤوا واستولوا على الأرض، وقالوا: إنها باتت ملكاً للدولة".

أقحمت شركة استثمارية

تورّطت شركة تدعى "اكتفاء للاستثمار الزراعي"، بحسب إفادات الأهالي للمرصد، في عمليات منظمة لاغتصاب الأراضي تحت غطاء الاستثمار الزراعي، حيث تعمل بالتنسيق المباشر مع المكتب الاقتصادي لمحافظة حماة. 

وركّزت عمليات المصادرة على القرى الخصبة، خصوصًا في معان ومحيطها، المعروفة بمزارع الفستق الحلبي عالية الإنتاج.

واستقدمت الشركة، بالتعاون مع عناصر أمنية، مجموعات مسلحة لبث الرعب في نفوس السكان ودفعهم للمغادرة، وفق روايات شهود عيان، الذين أفادوا بأن الأهالي وُضعوا أمام خيارين فقط: إما توقيع عقود استثمارية مجحفة تسلبهم ملكيتهم، أو مغادرة أراضيهم بالقوة، ليتم لاحقًا منحها لأشخاص موالين يوقّعون العقود باسمهم، في محاولة لشرعنة الاستيلاء.

شرعنة النهب العقاري

تحولت سياسة العقود المفروضة إلى أداة للسيطرة على الأراضي في ظل غياب القضاء العادل، ما يخلق بيئة خصبة للابتزاز والنهب الرسمي. 

وتُستخدم بنود قانون الاستثمار الزراعي الصادر عن النظام كواجهة قانونية، رغم أن ما يُمارس فعليًا هو اغتصاب أملاك خاصة دون إجراءات قضائية، أو تعويض عادل.

وقدّر ناشطون محليون نسبة القرى التي أُفرغت قسرًا في تلك المنطقة بنحو 99%، نتيجة العمليات الانتقامية التي رافقت سيطرة النظام، والتي جاءت ضمن مخطط أوسع لإعادة رسم الملكيات والسيطرة السكانية، فيما يتم تغييب السكان عن أي نقاش يتعلق بمصير ممتلكاتهم أو حقهم في العودة.

أعادت إنتاج التهجير

امتدت عمليات المصادرة مؤخرًا إلى قرى ذات غالبية علوية، ما يكشف أن سياسة النهب العقاري لم تعد موجهة فقط ضد خصوم سياسيين للنظام، بل أصبحت تشمل الجميع في المناطق ذات الأهمية الزراعية. 

وأكدت مصادر ميدانية للمرصد أن كثيراً من الأراضي المصادرة يتم تأجيرها أو استثمارها لصالح شخصيات عسكرية وأمنية، ضمن ما يُعرف بـ"اقتصاد الحرب".

وأشارت المصادر إلى أن المخاوف تتصاعد من اتساع رقعة هذه السياسات لتشمل المزيد من الأراضي الخصبة تحت ذريعة "التنمية"، في وقت لا تزال فيه الغالبية الساحقة من النازحين غير قادرة على العودة، بسبب استمرار الانتهاكات وسياسات التهجير والتجويع.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية